مُــــوزون

لم يسبق لسكان الحومة أن التحموا واتحدوا قبل اليوم , حيث وقف المتعجرف بجانب الوضيع ، الغني بجانب المملق ,الكل في وضع مقلق,في رأس الدرب وقفوا جميعا يشرئبون ،كلهم مذهولون مستنكرون يرددون اسم الغريب (موزون) الذي ألقي عليه القبض صبيحة هذا اليوم بتهمة غياب الهوية وعدم تبنيه من طرف أية أسرة.
الكل يحكي عن مجيئه إلى الحومة في يوم من أيام الخريف ,وجلوسه قرب دار الفقيه ... لم يعرف أحد اسمه ولا أصله,سماه الكبار الغريب ،في حين منحه الصغار اسما أجنبيا ، لكن الاسم الرسمي الذي يعرفه به الجميع هو (موزون)
(طول مقامه بيننا لم يتحرش بواحدة منا ،بل على العكس من ذلك كنا نرى فيه الحماية لنا)صاحت إحدى الجارات.
(كان عندما يرافقنا إلى الشاطئ يوفر لنا الحماية من قطاع الطرق وأولاد الدوار المجاور للشاطئ،كما كان يحرس لنا الملابس أثناء استحمامنا) أضاف بعض الأطفال.
صاح البقال متبجحا (والله لو كنت حاضرا ساعتها لما تركتهم يذهبون به...).وكلنا نعلم علم اليقين أنه كان دوما يطرده من جوار الدكان,ولم يسبق أن قدم له طعاما.
كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار حين رست سيارة مبروك الميكانيكي قرب ورشته. نزل مبتسما تجمهر حوله الجيران ،متسائلين لماذا لم يعد معه (موزون)؟
رد على الجميع بابتسامة عريضة: (موزون) بخير،وقد وعدوني بأن يعيدوه بأنفسهم على متن السيارة التي اعتقلته إلى نفس المكان الذي اعتقلوه فيه. هذا بفضل تدخلاتي الشخصية طبعا...
دخل مبروك ورشته، في حين وجّه الجميع نظره إلى رأس الدرب ، يتوقعون أن تهل السيارة الملعونة،
مضت نصف ساعة، صاح الجميع مهللين لما توقفت سيارة من الحجم الكبير صفراء اللون، نزل منها رجل ضخم بلباسه الكاكي ونياشينه الحمراء على كتفه ،نعرفه جميعا:إنه أبو معاوية جارنا الصامت الذي لا نراه إلا ذاهبا إلى المسجد أو عائدا منه.
توجه أبومعاوية إلى البوابة الخلفية للسيارة ، فتحها بقوة لينزل منها البطل (موزون) عيناه جاحظتان، يبدو عليه أثر الضغط والحنق، طاف حول السيارة ثلاث دورات،ثم انطلق مسرعا إلى داخل الدرب ليملأ الحومة بنباحه الذي كان يزعج البعض، والذي افتقدناه صباح هذا اليوم.

بقلم: عبدالرزاق مبارك السوداني غشت 2008

تمتاز كتابات الأستاذ عبد الرزاق بخفة دمها ، وسلاستها ، وبالصور الكاريكاتورية التي يلتقطها من المجتمع ثم يوظفها فنيا لتعطينا نصا متميزا يضمن لنا المتعة ، والانبهار.

اعترف بأن العزيز عبد الرزاق استدرجني بخبث فني وجعلني أتيه في تصور موزون هذا ... ولم يخطر لي على بال :أنه كلب.. وهكذا أوقعني صديقي العزيز في مقلب أضحكني على نفسي كثيرا.

تحية ومودة لك أيها العزيز

كثير من علامات الإستفهام تبقى مطروحة بخصوص شخصية (موزون) الغامضة
من أين جاء ؟ ماذا يفعل في الحي ؟ لماذا يتقرب للناس بمساعدتهم ؟ لماذا ألقي عليه القبض ؟ لماذا أطلق سراحه؟ ....شكرا السي عبد الرزاق ..فعلا استطعت أن تثير فينا فضول الأسئلة ......لنعيد ترتيب أوراق واقع سئمنا منه وسئم من صمتنا ...نقديري

سيدي المصطفى ،أشكر لك تواجدك بمتصفحي، و سعيد جدا بحبك لخربشاتي,
أرجو ان يكون قلمي عند حسن الظن

كما عهدتك أخي نجيب،تسبر أغوار النص بذقة، وقراءتك هذه، فتحت أبوابا جديدة للنص.
تحيتي الخالصة

عمييييقة جدا ولو أن بطلها كلب يخدم الكل ولا ينتظر المقابل ككثير من غير الكلاب على الأقل هذا وجد من يدافع عنه
تحية وتقدير

أختي نعيمة، الأدهى من هذا وذاك، أن هناك أشخاصايعيشون (كومبارس) أي جزءا من الديكور العام، فوجودهم ضروري لتأثيث الفضاء كموزون مثلا، غيابهم يخلق إزعاجا،ووجودهم لايكلف شيئا.
شكرا لتواجدك في متصفحي ...
تحيتي الخالصة

سعيد جدا بتواجدك في متصفحي ، سيدي زايد، فعلا، موزون شخصية متعددة الوجوه، قد تجمعنا بعض صفاته ،كما قد تفرّقنا، لكن القاسم المشترك بيننا جميعا هو ذاك الدور(كومبارس) الذي نلعبه كل يوم في حياتنا، كأننا متواجدون لتأثيث الفضاء فقط، لا لكي نعيش مثلهم,,,,
تحيتي الخالصة سيدي زايد.

مسرور جدا بتواجدك قي متصفحي أختي أماني,

ما أصعب أن نكون كومبارس ـو الأخطر أن لا نعي بموقعنا,

تحيتي الخالصة

سي ع الرزاق نص له طعم خاص
لا يقبض على سراديبه الا مترسخ متضلع في الادب
دام القك ايها المبدع المتميز