تداعيات في عباءة الليل
ذات ليلة سألني الليل: _ لم ترتدي عباءة من حلكتي وتوغل في دروبي ، وحواريي السوداء ، تغازل أشباحا ترقد في الكمون لاتعرف غير صراخ الصمت ، وصهيل الحزن في عروقك. والعري ، والجوع ، وسغب الفقراء.؟
لم لا تخرج من بوثقة الأسى ودائرة الأحزان، وتغازل امرأة جسدها من لجين ، وصدرها مرمر؟. لم لاتقرأ إلا كتبا مشاغبة ، وأشعارا محروقة حارقة لاهبة؟. لم لا تتمدد في إيوان الشمس ، وتسترخي ، وترقص على إيقاع المدى الرحب، والفرح الأبدي؟ لينتظم نبضك، وينتشي قلبك المعذب.
لم يكف الليل عن السؤال، والجواب صهيل الروح في بوتقة الأسى، وأقبية الموت الباردة، والمنافي البعيدة، وأنين الضحايا ، وصراخ الأطفال في ساحات المجازر.وجثة الأب المسجى في مشرحة وراء البحار.والمدى الدامي ، والحلم المغتال في حفر الكولف، والخاطر المفتون ، واختلاجات الندى في زمن الجفاف، والطاعون ، والرياح العاصفة في عروق الفقراء،،. ولسان الهزار المقطوع، وقلب الأم المفجوع، وتجليات المعذبين في ليل القهر. وتهدج الحرف ، ورموش الحبيبة المحترقة في أتون الفراق، والعبير الموؤود على شفاه الزهور ، والنجيع المسفوح على الإسفلت.
ياسيدي الليل. إنني أسير على حد السيف ، أكرع من طوفان الصمت المتدفق، أحارب النمل والقمل ، وغابات الإسمنت ، وجدران السجن العالية، أتسلل عبر عمايات الأشياء، والأشلاء، حيث الرجال أرقام ، في دفتر أسود، وحيث الجلد المحروق ، والدماء وسط الغبار الأبدي و لاأحد يتكلم في مواقع الصلب ، وميادين الإعدام ، والقرابين البشرية ، والصمود العنيد.والعالم المنافق الذي ينتظر النفخ في الصور.
الدار البيضاء1972
بتصرف