*** إلى صديقي المشاغب عبد السميع بنصابر.
***** انتحال صفة
*** قرر السفر إلى الداخلة .لسبر غور ذاك الذي شغل الناس بقفشاته ..وكتاباته الغرائبية ، وبسيل صوره التي لاتنتهي...
توكل على الله اشترى تذكرة السفر .. بعد شجارات كثيرة مع وكلاء شركات السفر. لأسباب كثيرة أبرزها الزيادة في الثمن .. وحجب المقاعد الأمامية..
منتصف الليل وإنزكان ترتعش من البرد ، والمحطة تموج بمخلوقات من كل الأصناف ، لاتتقن إلا الصياح ، والشجار والنصب على المسافرين .والشرطي الوحيد يكاد يغمى عليه ، بينما الباعة المتجولون يلعبون غميضة مع رجال البلدية.وصاحبنا متكوم على نفسه فوق ما يشبه مقعدا في إحدى المقاهي يتأمل تلك المخلوقات المتقافزة بين الحافلات كالقرود ، وتلك المعارك المنتشرة هنا وهناك كالفطر...
جاءت الحافلة بعد منتصف اللي بساعتين ، كاد صاحبنا أن يفقد فيها أعصابه ، وعقله بين مطرقة البرد ، وسندان الفوضى والضجيج ، والروائح الكريهة ، وأغاني السكارى ، وصدى قيئهم على الجدران ، ووقاحة المتسولين..
صعد إلى الحافلة ، تشاجر مع مسافر احتل مقعده ، اتسع الشجار وتضخم ، وانتهى الأمر في مركز الشرطة، التي انصفت صاحبنا ، واعتقلت خصمه فقد كان مبحوثا عنه.. تحركت الحافلة بعد لحظات نام الجميع .. إلا هو فقد كان يراقب السائق ويخشى أن ينام ... وأخيرا غلبه النوم بعد أن تكوم على حقيبته التي ضمنها بعضا مما يظنه إبداعا ، أو أوهمه الفيسبوكيون والمطريون أنه شاعر وكاتب ..كان يزمع عرضها على صديقه في الداخلة.
استيقظ صاحبنا بعد شعوره بتوقف الحافلة ، ليجد دركيا يحدق فيه بغضب ظاهر. الدرك الملكي بطاقتك الوطنية من فضلك ... دون أن ينبس بكلمة سلمه بطاقته.. حدق فيها الدركي.. أين حقائبك ؟ ... ليس معي حقائب ... معي هده المحفظة فقط .. تبث الدركي بصره على على المحفظة ، ثم أمره بفتحها ... تمتم صاحبنا قائلا: ليس فيه إلا أوراق ، وبعض الكتب .. رد الدركي بصوت حازم: لذلك نريد أن نرى هذه الأوراق والكتب.. لم يجد بدا من فتح المحفظة ... تأبطها الدركي وأمره بالالتحاق به .. سار خلف الدركي والهواجس تتلاعب به ...
جلس الدركي إلى مكتب متنقل وأمره بالجلوس .. ثم راح يتفحص الأوراق باهتمام . ا .. جمع المسكين أوراقهستغرق الأمر لحظات ..ثم رفع الدركي رأسه وحدق فيه .. ثم انفجر ضاحكا .. من كتب هذا ...؟ أجاب صاحبنا : أنا ... رد الدركي باستغراب ، أنت . أجاب وهو يرتعش .. هل وجد شيئا يمس الأمن العام ..أوأوأو...... لكن الدركي أخرجه من من هواجسه ..صائحا .. خذ محفظتك واغرب من أمامي .. كل من هب ودب يكتب ... هههههه أسأتم إلى الإبداع .. لو كان الأمر بيدي لكتبت لك محضرا ..بانتحال صفة مبدع .. ولمنعتك من الكتابة ماتبقى من عمرك الأغبر .اغبر من قدامي..... جمع أوراقه وانطلق يتعثر ليبحث عن حافلة تعيده إلى إنزكان.
اشرقت وسرى شيء من الدفء في أوصاله أغراه بالنوم ... وفجأة استيقظ ليجد زوجته آخذة بتلابيبه ... قم يا عزيزي : البوطة تقاضات.