********* هل اتاك حديث اشعيبة ..؟ *** ..كانت النيران تضيء دروب وحواري المدينة .ليلة عاشوراء .وروائح الأخشاب والخرف والحلفاء والتبن المحترقة تتسرب من الأبواب والنوافذ تزفها أهازيج النسوة اللواتي يهزجن بحلم الانعتاق ولو لليلة واحدة . وجيوش الاحتلال تراقب من بعيد بعد أن احتلت كل شبر من أرض الوطن... وفي بيت عبد السلام البحري في قلب المدينة القديمة امرأة فاجأها الطلق وحان وقت إخراج مخلوق آخر إلى هذا العالم .. وكم كانت تتمنى أن يكون هذا المخلوق أنثى ..تعوضها عن ابنتها التي اختطفها القدر قبل أن تستمتع بها.. لكن ذلك المخلوق تمرد ورفض الخروج غير آبه باستعطاف امي حورية القابلة .. ولا بصرخات أمه وآلامها .. ولا بخوف جدته وخالاته ودعواتهما .. وبعد لأي انزلق فجأة وكأنه غير رأيه لينزلق بين يدي امي حورية.. فاستقبلته عاصفة من الزغاريد سرعان ما خفتت بعد ان امتنع عن اطلاق صرخته الأولى وهو مؤشر خطير ... قلبته امي حورية بين يديها .. ضربته بلطف على ظهره ..قلبته رأسا على عقب لكنه لم يصرخ ..فلما يئست وضعته قرب أمه التي احتضنته ببرود بعد أن خاب أملها في بنت .. وعم البيت سكون رهيب .... وفجأة انتفض الوليد ثم صرخ صرخته الأولى في هذه الحياة ، انكفأ بعدها يبحث عن ثدي التصق بصدر أمه ورفض أن يهبه ولو قطرة واحدة من أكسير الحياة ....
مقتطف من الفصل الأول من روايتي صدى الأيام.... رأيك وبسرعة .. ومحبتي