المصطفى لفقيه كووار
عدد المساهمات : 436 تاريخ التسجيل : 13/08/2012
| موضوع: هواجس .... الأربعاء فبراير 26, 2014 11:49 pm | |
| ****استيقظ مبكرا على غير عادته...فقد سئم النوم حتى الظهر .. وارتشاف الفراغ المر ... ووضع أيامه تحت الوسادة. أطل من النافذة فاستقبله نسيم طري منعش لم يعرفه من قبل... وتناهت إلى سمعه زقزقات عصافير لم يستمتع بها منذ زمن بعيد.. ترك النافذة مفتوحة ..ثم انصرف إلى الحمام ... حدق في المرآة فاسترعت انتباهه شعرة بيضاء لم يعهدها .. ... نزع ملابسه ليستحم فلحظ ان جلده بدا مترهلا وقد فقد شيئا من حيويته ولونه الوردي الجميل ..أحس بشيء من القلق ..مما دفعه لتكرار التحديق في المرآة فهاله منظر تلك الهالات المتورمة حول عينيه .اللتين اختفى منهما ذاك البريق ..قبل أن ينسحب من أمام المرآة زفر زفرة حزينة ...وهمس : وداعا أيها الشباب .... ثم قرر أن يخرج عله يبدد قلقه وهواجسه بين الشوارع والأزقة ..... كانت المدينة تثاءب وتلفظ ساكينها لتتوزعهم الدروب والشوارع والمقاهي، وسيارات الأجرة والحافلات ..لتبتلعهم بعد ذلك الإدارات ، والمعامل ، والمدارس.حيث تستنزف أعمارهم بالجملة والتقسيط . بعد جولة طويلة ألقى تعبه فوق كرسي من كراسي مقهى ألف أن يكون مستراحا للمتعبين ، ومستمعا جيدا لمتاعبهم وشكاويهم ... شرب قهوته السوداء المرة وكأنه يتجرع الدواء ..لأول مرة تعامله القهوة بجفاء .. أشعل سيجارة ثم أطفأها سريعا ..بعد أن اشتعل صدره وكأن به حريقا..أراد اطفاءه بسعال شديد .... غادر المقهى دو أن يحدد وجهة لمساره ... فقادته قدماه إلى الشاطيء الذي كان خاليا تقريبا من رواده ..إلا قلة قليلة من شباب عابث ، وبعض السياح الذين أغرتهم شمس الصباح بأخذ حمام لاتعرفه بلادهم .... افترش الرمل .. وراح يتأمل الأمواج .. وهي تغسل أقدام الشاطئء.. فتهادى في خياله موكب الأمس يحمل نتفا من الذكريات الجميلة ، وأطيافا افتقدها في زحمة الحياة .. وغبش الغياب ، وما لبث أن عاد إلى واقعه ..الذي أعاده إلى زنزانة الفجيعة ..وإلى جمر الحياة ، وإلى بؤرة القلق .. وإلحاح الهواجس وقمقم الغربة المنغلق بإحكام ...لم لم يدر كم من الوقت مر به وهو متكوم في مكانه على الشاطئ عندما أرغمته شمس الظهيرة على مغادرة الشاطيء.. طويل دربه وشاسعة هي مسافات الحزن فيه ..وموجعة أصداء الحنين ، ولوعة الاشتياق..ومخيف زحف الزمن ، واشتعال الحلم الذي لايتحقق ... في طريق عودته إلى البيت ...اشترى حكايات ورقية .. وديوان شعر ..مشروبا غازيا وعلب سردين ... وعندما ضمته جدران شقته ... جلس إلى مكتبه محاولا أن يرتق شقوق نفسه بأحرف بدت متمردة ، متدمرة.. لاتريد أن تسجل سخافات جديدة ... لما غادر سريره صباح اليوم الموالي .. وقف أمام المرآة . يـتأمل وجهه ... اتسعت الهالات حول عنينيه .. وازداد عدد الشعيرات البيض..وارتخاء الجلد في وجهه وعنقه ... أحس ببرودة لم يعهدها ..فالتجأ كعصفور مقرور إلى بؤرة شعاع تسلل من النافذة إلى سريره... | |
|