تقديم
اصدر الزجال نجيب أمين
ديوانا زجليا جديدا عن المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش 2011 تحت عنوان(مازال ف
لخاطر حروف )بدعم من عمالة الجديدة .الزجال ناشط وفاعل جمعوي بالعديد من الجمعيات
المحلية والوطنية وعضو مؤسس للاتحاد المغربي للزجل الى جانب احتمائه واشتغاله
بالفن التشكيلي..
هذا الديوان يشمل 188ص
و73 قصيدة أولها : اش داني وآخرها ما زال ف لخاطر حروف ليختارها لكي تكون عنوانا
لأضمومته.
نصوصه بيضاء كلون بيوت
مدينته أزمور، طلاء ابيض ناصع كالثلج الدافئ وقامة نخيل ومذاق ورونق أزهار نهر أم
الربيع ، عبارة عن ومضات شعرية
متدفقة سريعة تلمع في سماء الزجل تفك عقدة اللغة وتموجاتها وتحبب هذا اللون الى
نفوس القراء المتعطشين لمثل هذه الكلمات السريعة التي تشبه تقتير الحرف وشهد العسل
أشبه بضربات ريشة معلم يتقن صنعته ،
الزجال نجيب أمين صنايعي ورقايقي بلغة الحرايفية الكبار بمعنى من المعاني يحتفي
بالكلمة الرنانة وبإيقاع موسيقي يطرب ويبهج الأذن والعين ويهزها بمعمار وهندسة
طريقة الكتابة الى مصاف الرؤية ، رؤية العين أحيانا لأنها هي الملتقط الأول لصيغ
وقيم الجمال ولأنه اختار في البدء ان يحدث ضجيجا في العالم الذي ينتمي إليه كعتبة
لمقام ديوانه الجميل .
المبدع نجيب أمين ، أمين في
انخراطه في الكتابة والمساجلة والانتماء، ملسوع بتطريز الحرف والمعاني لكنه يفرح
لسوالف القصايد ولأنه..
(من دواية كلبي
حروف صارت ع لبيضه
تسبي
بلمعاني
تبوح .. ص25
في قصيدة ( مرايه) يحدد
ابتهاجه وولعه بعناق السما وعشق الحال والحاله لأنها بسمه وفرحه تلوح و..
(ف ضي الشمس مرايه
نعشق فيك حالي
مولع بيك تلالي.. ) ص
28و29
يصول ويجول الزجال في إيقاعية
سريعة تزيدها جمالا وروعة حضور البعد العشقي والبوح والغضب والشكوى يقول في قصيدة (بنت
الجود ) ص 37
(ما ينشف ما يفضي
ف الراس عنايه
للدواخل مرايه
تجذب تبوح
تغضب تنوح
تشكي عليله
تندب ذييله..)
في قصيدة (لايمي ص 43)
حضور البعد الغنائي وحروفه سيوف تقطع تمنع تحاصر المنكر
وفي قصيدة (لخورده)
(حروف سيوف
تقطع حروف
وحروف تشوف
ما همها حروف
ها حروف الحق
لا حروف المنكر.. ص
46و47 و48
و..
(حروف تبيع حروف
ها حروف لخوردة
ها حروف للشرا
وحروف صغار
حروف اتلاوح
حروف اتسامح
ع لحروف هاني.. ص49
لأنه يهدينا سلامه حروفا
تفجر المعاني تناطح تحير لا تهادن تداوي وتكثر التسوال(السؤال)..
في قصيدة (لفراجه ص 66) يقول :
(لوقت مخيل
صربه مورا صربه
واحانا واقفين
نتفرجوا
التبوريده فينا ..
ولأن حاله لا تشبه الآخرين
، حالة المجاذيب والبهاليل ،حالة الشعراء المشائين ، تجعلنا نتساءل بطبعنا لان
السؤال مهم هنا وهناك (هاذ لحال الى بقينا نتفرجو هكذا..)
انه سؤال وجودي فلسفي
يطرحه أهل الإبداع بحثا عن جواب شائك جواب ينسل من سؤال من دهشة، يفرخ سؤالا من
جواب وهكذا كما في قصيدة (لبيضا)عن مطمح الكتابة أصلا يجيب مجذوب الكلام بالقوافي
(مجذوب ف نجالي
طفى ضي لمحبوب وتهت بلا
خليل ندوب
هاذو وراق لمكتوب ...ص88
يحاول ان يتصالح مع ذاته
مع الآخر خصوصا في قصيدة (تصالحت معاي)
(دخلت جواي
و
تصالحت معاي
وف الراس هم
وتهوال
كيفاش وعلاش ياك الرا
خويط الروح
ف سما لحروف
تطرز شلا معاني
ياك الليف شريف
حالف ما ينقطشي.. ص92و93
في نصوص الزجال نجيب أمين
حضور المفارقة والسخرية والتهكم مثلا في قصيدة (هاذيك):
(هاذ لميم مكسل كاس كرسي
تخياص
هدرة ف الناس هاذ لقاف
قاري مقهور مقلق مكيف متلف يتفتف..
ذاك الها هاني شبعان
مهدن لعام زين يدندن ، هاذ الليف يمكن ظهري يمكن ظهرك
يمكن الزمان لمفلس ) ص108
ولأنه مازال ف لخاطر
حروف ً
تقدى من دواير لكتبه
معاني صرف لحال حروف..ص 177
لا ينسى نفسه انه مجنون
الكتابة والحروف ، تتوغل في الدواخل لفضح ما تعتليها من كوامن وعلل وفي الجانب
الآخر جمالية تشكيل وفن راق متجذر بسياق الفنان وبيد تطرز المعاني تقارب البوح
وتستجلي الروح . بمرجعية ثقافية مختلفة
يتداخل الفصيح مع العامي مع اللغة الفرنسية في بسط شمعة وشعلة الكتابة وحتى في رسم
انعراجات وهادها وكاليغرافيتها بتقتير وتقطير الحرف وومضة الزجل ولمعته التي تخفي أكثر
ما تكشف وما تخفيه يحتاج الى أكثر من قراءة وتمعن..
ينهل الزجال والفنان
نجيب أمين من بِؤرة قضايا مجتمعه بل لأنها تسكنه حتى النخاع داخل نصوصه بطريقة وهندسة
كتابتها ، تفضح ينابيع موهبته وحساسيته المفرطة للفن والجنس الإبداعي رفقة قراءاته
المتعددة ، يفر من فرديته الى دفء المجتمع والوطن وصلابته.
نصوصه خميرة المجتمع ليس
لأنه مهموم بل لأنها كما قلت سابقا تسكنه في العمق ويسكنها كما بيوت البادية منفتحة
ومشرعة للقادم كبوابة الريح ..